نبذة عن الماحوز

إذا شئت أن تذهب إلى «هرته» أو «هلتا» فاختر لك دليلا، ولربما لم يحالفك الحظ لأن تجده - أي الدليل - ولكن بإمكانك أن تشعر بروعة الريحان وعبقه الاسطوري الفريد حتى إن ضللت الطريق... فقط يمكنك أن تحل ضيفا على بيت من بيوت قرية الماحوز الطيبة بأهلها الطيبين، وسرائرهم النقية، لتحظى بضيافة بحرينية أصيلة.
تاريخ هذه القرية وتعريفات مسمياتها وأعلامها أمور كلها وردت في كتب كثيرة منها «المنجد في اللغة والأعلام» وكتاب «لؤلؤة البحرين» للشيخ يوسف البحراني، وكتاب «أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين» للمؤرخ البحريني سالم النويدري. ومن اللافت أيضا أن القائمين على شبكة الماحوز الإسلامية بذلوا جهدا مشكورا في حفظ تاريخ القرية وحاضرها بالمعلومات والصور التي استفدنا منها في جولتنا هذه التي ستكون مزيجا بين رحلة توثيقية من جهة، واستطلاعا لأوضاع القرية ومتطلباتها من جهة أخرى.
وفقا للمعلومات الواردة في شبكة الماحوز الإسلامية عن اسم القرية، فإن معنى كلمة «الماحوز» - كما جاء في لسان العرب تحت مادة (م ح ز) - هو «ضرب من الرياحين، وفي الحديث: بلغنا ماحوزنا، قيل هو موضعهم الذي أرادوه، وأهل الشام يسمون المكان الذي بينهم وبين العدو ماحوزا، وأهل البصرة (الفاو) يسمون المكان المحجوز بين فرعي النهر (حوز)». وجاء تحت مادة (ح و ز) في المعجم الوسيط بمعنى «ملكه وحدده يقال: حاز المال وحاز العقل والميم هنا زائدة». ويقول الشيخ إبراهيم المبارك في كتابه «ماضي البحرين وحاضرها»: «ماحوز كناعور جنوبا عن السلمانية وفيها عين كبيرة تسمى أم الشعوم»، فيما يقول رأي غير مثبت إنها سميت كذلك لكثرة حوزاتها العلمية.
دخول الماحوز
طال أمد انتظار وضع لافتة تحمل كلمة «الماحوز» على شارع الكويت تشير إلى موقع القرية، حتى تم تثبيتها قبل نحو أسبوعين مضيا، وليس المهم بالنسبة للأهالي العثور على طريق الدخول فهو سهل، ولكن الصعب هو تلبية متطلبات القرية حيث يتمنى الأهالي أن تحظى قريتهم بزيارة المسئولين لها؛ للوقوف على الوضع عن كثب.
يشير الأهالي هنا الى أن الكثير من الطرقات في القرية لاتزال «ترابية»، وعلاوة على كونها ترابية فإنها تترك انطباعا فوضويا في تنظيم القرية من الداخل، ولهذا يشير الشاب حسن الى أن تنظيم طرقات القرية أمر مهم، ولكن الأهم بالنسبة له وللكثيرين عدم وجود مخطط لإنشاء وحدات سكنية تدخل في إطار برنامج امتداد القرى ليتم تخصيص الوحدات السكنية لأصحاب الطلبات من أهالي القرية.
نعود قليلا للحديث عن تاريخ القرية ومناطقها، فقد كانت تشمل في السابق ثلاث قرى صغيرة هي: هرته أو هلتا، وهي المنطقة التي يقع بها قبر الفيلسوف الشهير الشيخ ميثم الماحوزي، والتي أصبحت من حيث التقسيم الحديث تبعا لمنطقة أم الحصم، وربما يكون الاسم مركبا من كلمتي (هل) و(تل) ومعناها: هل التل أصبح كالهلال من بعيد؟ ونقل بعض العارفين أن معناه قلب الأسد، وكانت في هذه المنطقة عين ماء تسمى عين هرته وبجانبها مسجد لا وجود له هذا اليوم.
أما القرية الثانية فكانت تسمى الدونج، وهي المنطقة التي يقع بها قبر المحقق الشيخ سليمان الماحوزي، وهي ضمن منطقة الماحوز، ويقال إنها كانت مسكنا لكبار الموظفين في العهد البرتغالي كما ورد في كتاب «نافذة على التاريخ.. بيت العريض» لمؤلفه عبدالكريم العريض، وفي اللغة «دَنَجَ الأمر: أي أحكمه، والدُنُج بمعنى العقلاء». ويقول الشيخ إبراهيم المبارك في كتابه المتقدم ذكره: «دُوْنَج (بضم الدال وسكون الواو وفتح النون) من ماحوز».
القرية الثالثة هي الغُرَيفة (بضم الغين وفتح الراء) وهي تقع شرق الماحوز بجنب منطقة الجفير، والغُرَيفة تصغير غرفة، أما الغَرِيفة (بفتح الغين وكسر الراء) فهو الشجر الكثيف الملتف، وقيل إنها غير الغُرَيفة الموجودة حاليا بل هي الواقعة غرب مركز الشرطة التابع لميناء سلمان، وهناك منطقة أخرى مندثرة حاليا جنوب الشاخورة كانت تحمل الاسم نفسه انتقل أهلها إلى الغُرَيفة الحالية فسميت بالاسم نفسه (المصدر: شبكة الماحوز الإسلامية).
تداخل سكن العزاب
بالفعل، يمكن تأكيد ملاحظة الأهالي بشأن سكن العزاب من الوافدين حيث تتوزع مواقع سكن العمال الأجانب بالقرية، ولا يعارض الأهالي وجود مواقع لسكن العزاب بعيدا عن الأحياء السكنية؛ نظرا لما تشكله هذه الظاهرة من تأثير على الاستقرار الاجتماعي. ويقول الأهالي إن هناك الكثير من العمارات والبيوت يسكنها العمال وهي قريبة من منازل الأهالي، وربما يكون الخطأ في هذا الأمر يقع على أصحاب الأملاك الذين أجّروها لمؤسسات وشركات وأفراد لكي تصبح مسكنا للعزاب، إلا أن الأمر يجب أن يتوقف ويعاد تنظيم القرية.
من جهة أخرى، يلفت الأهالي الى أن هناك مشكلة سنوية تظهر في موسم الأمطار فتصبح القرية في حالة سيئة بسبب عدم وجود شبكة لتصريف مياه الأمطار حيث تتكون المستنقعات وتسبب معضلة مؤرقة للأهالي، ولكن الأهالي واثقون بأن هذه المشكلة ستجد طريقها الى الحل وخصوصا مع وجود اهتمام من جانب ممثل الدائرة السابعة بمجلس بلدي العاصمة عبدالمجيد السبع، وهو ابن القرية على أية حال.
كنوز تاريخ الماحوز العلمي
تعتبر الماحوز من القرى العلمية التي خرّجت الكثير من العلماء البارزين، وإليها ينتسب العديد من العلماء الأعلام، ومن جملتهم العلاّمة المتبحِّر الشيخ يوسف آل عصفور البحراني الذي ولد بقرية الماحوز سنة 1107هـ، وكذلك كان مولد أخيه الشيخ محمد والد الشيخ حسين العلاّمة وذلك سنة 1112هـ، وكان والدهما الحجة الشيخ أحمد آل عصفور ساكنا فيها لملازمة الدرس عند شيخه الشيخ سليمان الماحوزي، وكانت بداية نشأة الشيخ يوسف في هذه القرية الصغيرة، إلا أن حوادث الدهر التي لا تنيم ولا تنام حالت دون بقائه فيها.
وممن ولد أيضا فيها الشيخ سلمان بن أحمد التاجر الذي ينتسب لآل نشرة وهم ينتمون إلى الماحوز، وكان مولده نحو العام 1307هـ، وهو أخ الشيخ محمد علي التاجر صاحب «منتظم الدرين» و «عقد اللآل في تاريخ أوال» المتوفى سنة 1387هـ، أما الشيخ سلمان فقد توفي في 20 رجب سنة 1342هـ وهو أديب وشاعر كبير، وممن كان يقطن في منطقة الماحوز العلاّمة الشيخ محمد بن سلمان الستري والد العلامة الشيخ منصور الستري، حيث كان الشيخ محمد يؤدي دوره الديني والعلمي في هذه القرية، وكان يسكن في الأرض التي بها منزل الحاج خميس بن إبراهيم الكليبي وما جاورها من أرض، وقد اشتراها الحاج جاسم بن محمد الكليبي منه عندما توفي إمام جمعة سترة وهو الشيخ عباس بن الشيخ علي رضا الستري، فجاء أحد وجهاء سترة للشيخ محمد سلمان وطلب منه الحضور لسترة وتولي المهام الدينية من قضاء وإمامة الجمعة، فلبى طلبهم، وحقق سؤلهم، وكانت وفاته العام 1340هـ في سيهات (www.mahooz.com/news.php?newsid=2) بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
وينتسب للماحوز العديد من العلماء وقد أدرج الشيخ علي العصفور العلماء التالية أسماؤهم ضمن علماء الماحوز وهم الشيخ حسن الشيخ عبدالله الماحوزي، الشيخ حسين الشيخ محمد الماحوزي، الشيخ عبدالله بن علي الماحوزي، الشيخ عبدعلي الشيخ حسين الماحوزي، الشيخ محمد الشيخ حسين الماحوزي، الشيخ محمد بن ماجد الماحوزي إلى جانب الشيخ سليمان الماحوزي، وسنوافيك بترجمة الشيخ سليمان الماحوزي والشيخ ميثم البحراني عند الكلام عن «بقاع الماحوز».
كانت قرية الماحوز فيما مضى من أهم قرى البحرين وأكثرها شهرة برجال الدين والعلم ينتسب إليها الكثير من العلماء في البحرين وعلى رأسهم العلاّمة الشيخ كمال الدين ميثم البحراني ومنهم شيخ المشايخ وذو الشرف والمجد الشامخ العلاّمة الشيخ سليمان الماحوزي وكذلك الشيخ حسن بن عبدالله الماحوزي والشيخ عبدعلي بن حسين الماحوزي والشيخ حسين بن محمد الماحوزي والشيخ عبدالله بن علي الماحوزي والشيخ محمد بن ماجد الماحوزي والشيخ محمد بن حسين الماحوزي، كما تتشرف الماحوز أنها مسقط رأس فقيه أهل البيت وصاحب «الحدائق الناظرة» الشيخ يوسف العصفور البحراني رحمهم الله جميعا.
تضم الماحوز في السابق ثلاث مناطق الأولى هي الدونج وهو المكان الذي مازال يضم الشيخ سليمان الماحوزي والشيخ ميثم بن المعلى جد الشيخ ميثم المعروف، أما المنطقة الثانية فهي هلتا أو هرته وهي المنطقة التي تضم قبر الشيخ ميثم، والمنطقة الثالثة هي الغريفة وهي الواقعة غرب مركز الشرطة التابع لميناء سلمان وليست الغريفة التي تقع بالقرب من الجفير.
عين أم شعوم... الحياة
تعود إلى قلبٍ توقف عن النبض
لا تقل شهرة عين أم شعوم عن شهرة قرية الماحوز ذاتها، ووفقا لدراسة اجراها اختصاصي تطوير بوزارة شئون البلديات والزراعة إحسان عبدالقدوس عن إحياء العيون الطبيعية، فإن العين سميت بهذا الاسم نسبة إلى سمك الشعوم الذي كان يعيش بها بكثرة، وبفعل قوة تدفق مياهها التي كان يتفرع منها أكثر من ستة جداول وتتفرع إلى مئات من جداول المياه الصغيرة تسقي مساحات شاسعة من النخيل والبساتين. وكانت لا تروى منطقة الماحوز فحسب بل المنامة والقضيبية وأم الحصم والزنج بمائها العذب. وهي مكونة من عينين العين الكبيرة التي كانت تسقي الناس والمزارع المحيطة بها وتستخدم للسباحة والاستجمام صيفا، والعين الصغيرة التي كانت تستخدم لغسل الثياب وسقاية وغسل الدواب والخيول نظرا لضحالة الماء بها وسهولة الدخول والخروج منها؛ مما أدى إلى اتخاذ منطقة الماحوز مركزا لقيام حظائر المواشي، وشجع أصحاب اسطبلات الخيول على القيام بسباق الخيل المعروف آنذاك مستخدمين العين الصغيرة لتجهيز الخيول للسباق.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، افتتح المجلس البلدي بالعاصمة مشروع العين في إطار مشروع إحياء العيون الطبيعية من خلال إعادة تأهيلها بكلفة تبلغ نحو 400 ألف دينار. يقع المشروع على مساحة 6 آلاف متر مربع، ويتكون من عينين تاريخيتين، بحيث تكون هناك عين للسباحة وعين للحياة المائية الطبيعية، مع وجود متنزه حول العين وجلسات مظللة وكافتيريا ومسجد ومرافق مختلفة، إضافة إلى مساحة كبيرة من المسطحات الخضراء.
قريبا، سيتم ضخ المياه في العين لتبدأ مشوارها الصيفي بلقاء أهالي القرية، وجميع أهل البحرين ممن عرفوا عين أم شعوم وأحبوها.
السبع: قرية يحيطها العمران والقديم داخلها!
يقول ممثل الدائرة السابعة بمجلس بلدي العاصمة عبدالمجيد السبع إن «هناك مشكلات كثيرة في القرية، من أهمها سكن العزاب، وكذلك هناك بعض الشوارع غير المبلطة وقد تطرقت اليها أكثر من مرة، وهي مشكلة رئيسية في الماحوز التي استطيع أن أقول عنها إنها قرية قديمة من الداخل ولكن من حولها تتوزع مناطق حديثة، وهي قرية حقها مهضوم من كل الجوانب.
بالإضافة الى سوء طرق القرية التي تكثر فيها الأزقة (الدواعيس)، وكذلك وجود البيوت الآيلة للسقوط التي بدأنا إعادة بناء بعضها وهناك 10 منازل على القائمة، ومن الأمور التي نتابعها ضمن احتياجات القرية مشكلة الأمطار وما تسببه من إزعاج للأهالي في موسم الشتاء لعدم وجود مجارٍ للأمطار، وكسائر المناطق الأخرى، ليس هناك أراضٍ لمشروع امتداد القرى الإسكانية، وهذه هموم كبيرة في الحقيقة.
خذ اللافتة مثلا، فقد تعبنا الى أن وضعت على شارع الكويت قبل مدخل الماحوز، وبعد جهد وعناء تم تركيبها قبل أسبوعين. نتمنى أن نحظى بزيارة المسئولين للقرية التي يعيش حولها عدد من الوزراء وكبار المسئولين والتجار، وهي منطقة (مهضومة) ويأكل منها التطور العمراني شيئا فشيئا، حتى إن الكثير من سكانها بدأوا النزوح خارجها الى المناطق السكنية الجديدة، وهي تحتاج الى توجه من المسئولين أو زيارة يقوم بها أحد المسئولين كما يجري في المناطق الأخرى ونحن نسعى الى ذلك بالتنسيق مع محافظة العاصمة»، إلى هنا انتهى حديث الهموم عن الماحوز.الموقع:
منطقة الماحوز حاليا - بحسب تقسيم المجمعات الحديثة - تقع أساسا في مجمع (334) وهو ما يسمى اللغة الدارجة (الفريج)، وتشمل من حيث التسمية مجمع (332) ومجمع (331)، فتكون أقصى نقطة شمالا مسجد الشيخ علي والأدنى جنوبا ملعب نادي أم الحصم لكرة القدم، والأقصى شرقا المنطقة المقابلة للنادي البريطاني والأدنى غربا النادي الأهلي وما خلفه.
وتقع الماحوز في موقع استراتيجي من العاصمة، فمن جهة الشرق تجد العدلية والغريفة والجفير، ومن جهة الجنوب أم الحصم، ومن جهة الغرب الزنج، ومن جهة الشمال جزء من العدلية أيضا، وتعتبر منطقة حيوية لارتباطها وقربها من غالبية مناطق البحرين وجزرها المهمة كالمحرق وسترة وقربها كذلك من ميناء سلمان.
مساجد القرية
- مسجد الإمام الهادي (ع) - الرفيع.
- مسجد الشيخ ميثم البحراني.
- مسجد الشيخ صالح.
- مسجد الإمام الكاظم (ع) أبوغزال.
- مسجد الإمام المهدي (عج) - الشيخ علي.
- مسجد الإمام محمد الجواد (ع) - عين أم شعوم.
- مسجد الشيخ سليمان الماحوزي.
مآتمها
- مأتم الماحوز.
- مأتم الإمام علي (ع).
- مأتم الإمام الحُجة (عج).
- مأتم الحاج عباس عنان.
مقابرها
مقبرة الشيخ ميثم البحراني.
- مقبرة مساجد آل عنان.
- مقبرة الصغار - مقبرة المسجد الرفيع.
الحاج عباس ماجد: نريد لقريتنا أن تتطور
جلس الحاج عباس ماجد في دكانه الصغير، وهو بصفته بحرينيا تجد فيه الطيبة وكرم الضيافة. عمل الحاج عباس لمدة تزيد على عشرين عاما في وزارة الكهرباء والماء سابقا، ولكنه كان يحب العمل في البيع والشراء منذ كان طفلا صغيرا. لذلك يواصل مشواره في دكانه الصغير في قريته التي يتمنى أن تتم تسمية شارع تجاري في طريقها الرئيسي.
الحاج عباس وهو أب لخمسة أولاد وخمس بنات، يتذكر أنه في مطلع الثمانينيات افتتح دكانه الصغير بلا سجل تجاري، ويتذكر أنه ذات يوم جاءه مفتش من وزارة التجارة ليطلب منه إصدار سجل تجاري بحيث يتمكن من العمل في دكانه بشكل قانوني.
وكغيره من أهالي القرية، يتمنى الحاج عباس لقريته أن تتطور، وأن تتم تلبية احتياجات الأهالي فهو يقول إن «الدولة يجب عليها أن تساوي بين المواطنين من دون تمييز، وهذا من حقنا بصفتنا مواطنين. فالقرية تحتاج الى الكثير من الخدمات ونريد كذلك اهتماما بالأسر المحتاجة والمعوزة لكي تعيش من دون حاجة الى الغير». ويشعر الحاج عباس بالاعتزاز الكبير بقريته وأهلها، فهي قرية لاتزال تحتفظ بهويتها البحرينية الأصيلة المتمسكة بالانتماء الى هذا الوطن.